Page 15 - كتاب وثائق تاريخية من العديد

‫ﻭﺛﺎﺋﻖ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ‬

‫اﻟﺬي ﻳﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪاﺧﻞ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻷﺣﺴــﺎء وﻓــﻲ اﻟﻤﻨﺘﺼﻒ ﺑﻴﻦ إﻣﺎرﺗﻲ ﻗﻄﺮ‬
‫وأﺑﻮﻇﺒﻲ‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻗﺮﺑﻬﺎ وﺗﻔﺮدﻫﺎ ﺑﻌﻼﻗﺎت ﺗﺠﺎرﻳﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة وﻗﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺳــﺎﺣﻞ اﻟﻌﺮب‪ ،‬وﻣﻤﺎ زاد ﻣﻦ‬
‫ﻗﻮة ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ وﻧﻔﻮذﻫﺎ اﻟﺘﺠﺎري أن ﺷﻴﻮﺧﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ اﻣﺘﺪ ﻧﻔﻮذﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﺎﺣﻞ‬
‫اﻟﻌﺮب‪ ،‬وﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻻﺳــﺘﺜﻨﺎﺋﻲ اﻟﺨﺎص ﻟﻠﻘﺒﻴﻠﺔ ووﺟﻮدﻫﻢ اﻟﻤﻤﺘﺪ ﻋﻠــﻰ ﺿﻔﺘﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻗﺪ‬

‫ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻌﺎش ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ ﺗﺠﺎرﻳﺎً ﻟﻔﺘﺮات ﻃﻮﻳﻠﺔ‪.‬‬

‫ﻫﺬا اﻷﻣﺮ وﻫﺬا اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺴﻴﺎﺳــﻲ واﻟﺘﺠﺎري ﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ ﺳــﺒﺐ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻻرﺗﻴﺎح ﻟﻺﻧﺠﻠﻴﺰ‬
‫ﻣﻤﺎ ﻫﺪد ﺗﻔﺮدﻫﻢ وﻧﻔﻮذﻫﻢ اﻻﺳــﺘﻌﻤﺎري ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‪ ،‬اﻷﻣﺮ اﻟﺬي دﻋﺎﻫﻢ ﻟﺘﺤﻴّــﻦ اﻟﻔﺮص ﻹﺑﻌﺎد ﻗﺒﻴﻠﺔ‬
‫اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﻋﻤﺪوا إﻟﻰ اﺗﺒﺎع أﺳــﻠﻮب ﺗﻔﺮﻳﻖ أي ﻗﻮة ﻓــﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ آﻧﺬاك‪ .‬وﻣﻤﺎ‬
‫زاد اﻷﻣﺮ ﺳﻮءاً ﻟﻺﻧﺠﻠﻴﺰ أن ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﻢ ﺳــﻔ ٌﻦ ﺗﺠﺎرﻳ ٌﺔ ﺗﺠﻮب ﻣﻮاﻧﺊ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻬﻨﺪ‬
‫وزﻧﺠﺒﺎر واﻟﺒﺼــﺮة ﻓﻲ ﺗﺠﺎرة اﻟﻘﻤﺎش )اﻟﻠﺆﻟــﺆ( وﻣﺒﺎدﻟﺔ اﻟﺜﻤﻦ ﺑﺎﻟﻤﻮاد اﻟﺘﻤﻮﻳﻨﻴﺔ واﻟﺴــﻼح‪ ،‬ﺛﻢ ﺗﻘﻮم ﺑﻤﺪ‬
‫اﻟﻤﻮاﻧﺊ اﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﺑﻬﺬه اﻟﻤﺆن‪ ،‬وﻫــﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻴﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ‬
‫اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬﺪف إﻟﻰ إﺿﻌﺎف أي ﻗﻮة ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﺤﺎول ﻓﻚ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺘﻤﻮﻳﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ‬

‫واﻟﺘﻲ ﺗﺮﻋﺎﻫﺎ ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻺﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ‪.‬‬

‫ﻟﺬﻟﻚ أﺧﺬ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻬﻢ إﺿﻌﺎف ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ ﺳﻴﺎﺳــﻴﺎً وﺗﺠﺎرﻳﺎً وإرﻏﺎم ﺷــﻴﻮﺧﻬﺎ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺣﻴﻞ ﻋﻨﻬﺎ وﺗﺸــﺘﻴﺖ ﺳــﻜﺎﻧﻬﺎ‪ .‬وﻟﻘﺪ ﺟﺎءت ﻫﺬه اﻟﻔﺮﺻــﺔ ﻟﻺﻧﺠﻠﻴﺰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣــﺮة‪ ،‬ﺣﻴﺚ ﺗُﺒﻴﻦ‬
‫ﺳﺠﻼت اﻟﺘﻮﺛﻴﻖ ﻓﻲ اﻷرﺷﻴﻒ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ أن اﻟﺴﻔﻦ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺘﺪﻣﻴﺮ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ ﻣﺮﺗﻴﻦ‪:‬‬
‫اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ ﺳــﻨﺔ ‪ 1837‬ﻣﻴﻼدي واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺳــﻨﺔ ‪ 1877‬ﺑﻮاﺳﻄﺔ ‪ 40‬ﺳــﻔﻴﻨﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺧﻴﺮة ﻫﻲ‬
‫اﻟﻘﺎﺻﻤﺔ وﺳــﺒﺒﺎً ﻟﻬﺠﺮة اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﻤﺎﻟﻜﻬﻢ ﻓﻲ ﺳــﺎﺣﻞ اﻟﻌﺮب ﻋﻠــﻰ اﻟﻀﻔﺔ اﻷﺧﺮى ﻣﻦ‬

‫اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ‪.‬‬

‫ﻛﻤﺎ أن ﻣﻦ اﻷﺳــﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﻋﺠﻠﺖ ﻫﺠﺮة اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ ﻋﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ أﻧﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺑﻄﻬﻢ ﻋﻼﻗﺎت ﻗﻮﻳﺔ‬
‫وﻓﺎﻋﻠﺔ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻴﺔ‪ ،‬اﻟﺘﻲ أرﺳﻠﺖ ﻣﺒﻌﻮﺛﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺎب اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﺰﻳﺎرة ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة‪.‬‬
‫وﻟﻘﺪ اﻟﺘﺰﻣﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ أول اﻷﻣﺮ ﻓﻲ دﻋﻢ وﺑﻘﺎء اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ ﺗﺤﺖ‬
‫ﺳــﻴﺎدة وﺣﻜﻢ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ‪ ،‬ﻣﺴﺘﻨﺪﻳﻦ ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻨﺪ اﻟﺴــﺮي ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻫﺪة اﻟﻌﻘﻴﺮ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪة‬
‫واﻟﻤﻮﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴــﻌﻮدﻳﺔ واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﺆرﺧﺔ ﻓﻲ ‪ 18‬ﺻﻔﺮ ‪ 1334‬ﻫﺠﺮي اﻟﻤﻮاﻓﻖ‬
‫‪ 24‬ﻓﺒﺮاﻳــﺮ ‪ 1915‬ﻣﻴــﻼدي‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﻣﻨﺤــﺖ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ اﻟﺤــﻖ واﻻﺧﺘﻴﺎر ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﺗﺸــﺎء أو‬
‫اﻻﺳﺘﻤﺮار ﺑﺤﻜﻢ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ آل ﺳﻌﻮد‪ ،‬وﻟﻜﻦ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﺳــﺮﻋﺎن ﻣﺎ أﺧﻠﻮا ﺑﻮﻋﻮدﻫﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬

‫أﻗﺮوﻫﺎ ﻟﻠﻌﺒﺎدﻟﺔ‪ ،‬وﻧﻔﻀﻮا أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ وﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻨﻮد‪.‬‬

‫‪13‬‬