Page 12 - كتاب وثائق تاريخية من العديد
P. 12
اﳌﻘﺪﻣﺔ
ﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﻤﺮاﺳــﻼت واﻟﻤﺪوﻧﺎت أﻫﻢ ﻣﺼﺎدر اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻠﺘﺄرﻳــﺦ ﻓﻬﻲ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﻣﻮﺛﻮﻗﺔ.
ﻓﺎﻟﻮﺛﺎﺋــﻖ ﺗُﻮﺟﻪ وﺗُﺼﻮب ﺳــﺮد اﻷﺣــﺪاث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴــﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻢ رﺻﺪ اﻷﺣــﺪاث اﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﺤﻘﺒﺔ زﻣﻨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ .وﻗﺪ ﺗُﻐﻴﺮ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻣﺎ ﺗﻢ ﺗﺪاوﻟﻪ وﻗﺒﻮﻟﻪ ﻛﻮاﻗﻊٍ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻟﺪى اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻦ
واﻷﻛﺎدﻳﻤﻴﻴﻦ وﺗﻀﻔﻲ أﻟﻮاﻧﺎً ﺟﺪﻳﺪة إﻟﻰ اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﺤﻘﺒﺔ ﻣﺎ ،وﺗُﻔﺴﺮ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ وﺗﺸﺮح ﺑﺼﻮرة أوﺿﺢ
ﻛﻴﻒ ﺗﻢ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﻣﺮﺣﻠ ٍﺔ ﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ ،وﻫﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺒﻴﻦ اﻟﻮاﻗﻊ.
وﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻨــﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ واﻟﻤﺮاﺳــﻼت اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻــﺔ ﺑﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ،
ﺗُﻜﺸﻒ ﻷول ﻣﺮة ﻓﻲ إﺻﺪار ﻣﻄﺒﻮع ،وﻧﺮﺟﻮ أن ﺗﻐﻄﻲ ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وأن ﺗﻜﻮن ﻣﺼﺪراً
ﻫﺎﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻓﻲ أوﺳــﺎط اﻟﻤﺆرﺧﻴــﻦ واﻟﻤﺘﺎﺑﻌﻴﻦ واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ .واﻟﻮاﻗــﻊ أﻧﻬﺎ ﺗﺆﻛﺪ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ
وﺣﻘﺎﺋﻖ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺤﺘﻬﺎ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻟﺪى اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ.
ﺗﺒﻘﻰ أن أﺷــﻴﺮ إﻟﻰ أن ﻫﻨﺎك ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻷﺳــﺒﺎب دﻋﺘﻨﻲ ﻟﻮﺿــﻊ ﻫﺬه اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴــﺔ ﺑﻴﻦ دﻓﺘﻲ ﻫﺬا
اﻟﻜﺘﺎب:
أوﻟﻬﺎ اﻧﺘﺴــﺎﺑﻲ ﻟﻘﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ ،ورﻏﺒﺘﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﺛﻴﻖ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻷدوار اﻟﺴﻴﺎﺳــﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ
ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .ﻓﻜﺎن ﻫﺬا اﻟﺤﺎﻓـﺰ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﺳﺒﺒﺎً أﺳﺎﺳــﻴﺎً ﻟﻮﺿﻊ ﻫﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ وﻧﺸﺮﻫﺎ ﻣﻦ
ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،واﻟﺬي أرﺟﻮ أن ﻳُﻠﻘﻲ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ ﺟﻮاﻧﺐ ﻣﻬﻤﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﻘﺒﻴﻠﺔ .ﻛﻤﺎ أﻧﻨﻲ آﻣﻞ ﻣﻦ
ﺧﻼل ﻧﺸــﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أن أﺣﻔﻈﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺪﺛﺎر واﻟﻀﻴﺎع وﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴﻴﺐ ،ﻟﻴﻜﻮن ﻧﺸﺮ ﻫﺬه اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ
ﺷﺎﻫﺪاً ﻣﻬﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﺎرﻳﺦ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ.
ﻛﻤﺎ أن ﻫﻨﺎك وازﻋﺎً أﺳﺎﺳﻴﺎً دﻓﻌﻨﻲ إﻟﻰ ﻧﺸﺮ ﻫﺬه اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ؛ وﻫﻮ أن ﺣﻜﻢ ﻗﺒﻴﻠﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮوف ﻋﻨﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺆرﺧﻴﻦ واﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻦ .وﻛﻞ ﻣﺎ دوﻧﺘﻪ أﻗﻼﻣﻬﻢ ﻛﺎن ﻣﻮﺟﺰاً وﻳﺴــﻴﺮاً ،وﺧﻄﻮا
وأرﺧﻮا ﻓــﻲ اﻟﻜﺘﺐ واﻟﻤﺮاﺟﻊ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ وﻗﺪﻣﻮا اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ أول ﻣﻦ ﺳــﻜﻦ ﻣﻨﻄﻘــﺔ اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ ،وأﻧﻬﻢ ﻟﻢ
ﻳﻠﺒﺜﻮا ﻃﻮﻳــ ًﻼ ﺣﺘﻰ ﻫﺎﺟﺮوا إﻟﻰ اﻟﻀﻔﺔ اﻷﺧﺮى ﻣــﻦ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وإﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻮاﺟــﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻘﺪر دورﻫﻢ
وأﻣﺎﻧﺘﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﻗﺪﻣﻮه ﻣﻦ ﻋﻤــﻞ ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ رأﻳﺖ أن أﺿﻊ ﻫــﺬه اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺑﻴﻦ ﻳﺪي اﻟﺒﺎﺣﺜﻴــﻦ ﻟﺘﺆﻛﺪ أن ﻣﻨﻄﻘﺔ
اﻟ ْﻌﺪﻳﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﺸﻴﺨﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻟﺔ وﻟﻢ ﻳﺘﺰﺣﺰﺣﻮا وﻟﻢ ﻳﺘﻨﺎزﻟﻮا ﻋﻦ ﺗﺒﻌﻴﺘﻬﺎ ﻟـﻬﻢ وﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺆﻛﺪه ﻫﺬه اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ.
10
